ذم الحسد


بيان ذم الحسد
اعلم أن الحسد أيضا من نتائج الحقد والحقد من نتائج الغضب فهو فرع فرعه والغضب أصل أصله ثم إن للحسد من الفروع الذميمة ما لا يكاد يحصى وقد ورد في ذم الحسد خاصة أخبار كثيرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب حديث الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة وابن ماجه من حديث أنس وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم في النهي عن الحسد وأسبابه وثمراته لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا حديث لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا الحديث متفق عليه وقد تقدم وقال أنس كنا يوما جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة قال فطلع رجل من الأنصار ينفض لحيته من وضوئه قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان الغد قال صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل وقاله في اليوم الثالث فطلع ذلك الرجل فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت فقال نعم فبات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله تعالى ولم يقم لصلاة الفجر قال غير أني ما سمعته يقول إلا خيرا فلما مضت الثلاث وكدت أن أحتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا فأردت أن أعرف عملك فلم أرك تعمل عملا كثيرا فما الذي بلغ بك ذلك فقال ما هو إلا ما رأيت فلما وليت دعاني فقال ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسدا على خير أعطاه الله إياه قال عبد الله فقلت له هي التي بلغت بك وهي التي لا نطيق حديث أنس كنا يوما جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة الحديث بطوله وفيه أن ذلك الرجل قال لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسدا على خير أعطاه الله رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين ورواه البزار وسمي الرجل في رواية له سعدا وفيها ابن لهيعة وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث لا ينجو منهن أحد الظن والطيرة والحسد وسأحدثكم بالمخرج من ذلك إذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فامض وإذا حسدت فلا تبغ حديث ثلاث لا ينجو منهن أحد الظن والطعن والحسد الحديث وفي رواية وقل من ينجو منهن أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الحسد من حديث أبي هريرة وفيه يعقوب بن محمد الزهري وموسى بن يعقوب الزمعي ضعفهما الجمهور والرواية الثانية رواها ابن أبي الدنيا أيضا من رواية عبد الرحمن بن معاوية وهو مرسل ضعيف وللطبراني من حديث حارثة بن النعمان نحوه وتقدم في آفات اللسان وفي رواية ثلاثة لا ينجو منهن أحد وقل من ينجو منهن فأثبت في هذه الرواية إمكان النجاة وقال صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضة هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين والذي نفس محمد بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم أفشوا السلام بينكم حديث دب إليكم داء الأمم الحسد والبغضاء الحديث أخرجه الترمذي من حديث مولى الزبير عن الزبير وقال صلى الله عليه وسلم كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر حديث كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر أخرجه أبو مسلم الكشي والبيهقي في الشعب من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد ضعيف ورواه الطبراني في الأوسط من وجه آخر بلفظ كادت الحاجة أن تكون كفرا وفيه ضعف أيضا وقال صلى الله عليه وسلم إنه سيصيب أمتي داء الأمم قالوا وما داء الأمم قال الأشر والبطر والتكاثر والتنافس في الدنيا والتباعد والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج حديث إنه سيصيب أمتي داء الأمم قبلكم قالوا وما داء الأمم قال الأشر والبطر الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الحسد والطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة بإسناد جيد وقال صلى الله عليه وسلم لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك حديث لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك أخرجه الترمذي من حديث واثلة بن الأسقع وقال حسن غريب وفي رواية ابن أبي الدنيا فيرحمه الله وروي أن موسى عليه السلام لما تعجل إلى ربه تعالى رأى في ظل العرش رجلا فغبطه بمكانه فقال إن هذا لكريم على ربه فسأل ربه تعالى أن يخبره باسمه فلم يخبره وقال أحدثك من عمله بثلاث كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله وكان لا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة وقال زكريا عليه السلام قال الله تعالى الحاسد عدو لنعمتي متسخط لقضائي غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي وقال صلى الله عليه وسلم أخوف ما أخاف على أمتي أن يكثر فيهم المال فيتحاسدون ويقتتلون حديث أخوف ما أخاف على أمتي أن يكثر لهم المال فيتحاسدون ويقتتلون أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الحسد من حديث ابن عامر الأشعري وفيه ثابت بن أبي ثابت جهله أبو حاتم وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها ولهما من حديث عمرو بن عوف البدري والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا الحديث ولمسلم من حديث عبد الله بن عمرو إذا فتحت عليكم فارس والروم الحديث وفيه يتنافسون ثم يتحاسدون ثم يتدابرون الحديث ولأحمد والبزار من حديث عمر لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وقال صلى الله عليه وسلم استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود حديث استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني من حديث معاذ بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إن لنعم الله أعداء فقيل ومن هم فقال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله حديث إن لنعم الله أعداء قيل ومن أولئك قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس إن لأهل النعم حسادا فاحذروهم وقال صلى الله عليه وسلم ستة يدخلون النار قبل الحساب بسنة قيل يا رسول الله من هم قال الأمراء بالجور والعرب بالعصبية والدهاقين بالتكبر والتجار بالخيانة وأهل الرستاق بالجهالة والعلماء بالحسد حديث ستة يدخلون النار قبل الحساب بسنة قيل يا رسول الله ومن هم قال الأمراء بالجور الحديث وفيه والعلماء بالحسد أخرجه أبو منصور الديلمي من حديث ابن عمر وأنس بسندين ضعيفين الآثار قال بعض السلف أول خطيئة هي الحسد حسد إبليس آدم عليه السلام على رتبته فأبى أن يسجد له فحمله على الحسد والمعصية وحكى أن عون بن عبد الله دخل على الفضل بن المهلب وكان يومئذ على واسط فقال إني أريد أن أعظك بشيء فقال وما هو قال إياك والكبر فإنه أول ذنب عصى الله به ثم قرأ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس الآية وإياك والحرص فإنه أخرج آدم من الجنة أمكنه الله سبحانه من جنة عرضها السموات والأرض يأكل منها إلا شجرة واحدة نهاه الله عنها فأكل منها فأخرجه الله تعالى منها ثم قال اهبطوا منها إلى آخر الآية وإياك والحسد فإنما قتل ابن آدم أخاه حين حسده ثم قرأ واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق الآيات وإذا ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك وإذا ذكر القدر فاسكت وإذا ذكرت النجوم فاسكت وقال بكر بن عبد الله كان رجل يغشى بعض الملوك فيقوم بحذاء الملك فيقول أحسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيء سيكفيكه إساءته فحسده رجل على ذلك المقام والكلام فسعى به إلى الملك فقال إن هذا الذي يقوم بحذائك ويقول ما يقول زعم أن الملك أبخر فقال له الملك وكيف يصح ذلك عندي قال تدعوه إليك فإنه إذا دنا منك وضع يده على أنفه لئلا يشم ريح البخر فقال له انصرف حتى انظر فخرج من عند الملك فدعا الرجل إلى منزله فأطعمه طعاما فيه ثوم فخرج الرجل من عنده وقام بحذاء الملك على عادته فقال احسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيء سيكفيكه إساءته فقال له الملك أدن مني فدنا منه فوضع يده على فيه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم فقال الملك في نفسه ما أرى فلانا إلا قد صدق قال وكان الملك لا يكتب بخطه إلا بجائزة أو صلة فكتب له كتابا بخطه إلى عامل من عماله إذا أتاك حامل كتابي هذا فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به إلي فأخذ الكتاب وخرج فلقيه الرجل الذي سعى به فقال ما هذا الكتاب قال خط الملك لي بصلة فقال هبه لي فقال هو لك فأخذه ومضى به إلى العامل فقال العامل في كتابك أن أذبحك وأسلخك قال إن الكتاب ليس هو لي فالله الله في أمري حتى تراجع الملك فقال ليس لكتاب الملك مراجعة فذبحه وسلخه وحشى جلده تبنا وبعث به ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته وقال مثل قوله فعجب الملك وقال ما فعل الكتاب فقال لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته له قال له الملك إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر قال ما قلت ذلك قال فلما وضعت يدك على فيك قال لأنه أطعمني طعاما فيه ثوم فكرهت أن تشمه قال صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفي المسيء إساءته وقال ابن سيرين رحمه الله ما حسدت أحدا على شيء من أمر الدنيا لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حفيرة في الجنة وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار وقال رجل للحسن هل يحسد المؤمن قال ما أنساك بني يعقوب نعم ولكن غمه في صدرك فإنه لا يضرك ما لم تعد به يدا ولا لسانا وقال ابو الدرداء ما أكثر عبد ذكر الموت إلا قل فرحه وقل حسده و قال معاوية كل الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها ولذلك قيل كل العداوات قد ترجى إماتتها إلا عداوة من عاداك من حسد وقال بعض الحكماء الحسد جرح لا يبرأ وحسب الحسود ما يلقي وقال أعرابي ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد إنه يرى النعمة عليك نقمة عليه وقال الحسن يا ابن آدم لم تحسد أخاك فإن كان الذي أعطاه لكرامته عليه فلم تحسد من أكرمه الله وإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار وقال بعضهم الحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمه وذلا ولا ينال من الملائكة إلا لعنة وبغضا ولا ينال من الخلق إلا جزعا وغما ولا ينال عند النزع إلا شدة وهولا ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة ونكالا .

تعليقات