بيان فضيلة الصبر وقد وصف الله تعالى الصابرين بأوصاف وذكر الصبر
في القرآن في نيف وسبعين موضعا وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر وجعلها ثمرة له فقال عز من قائل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وقال تعالى وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا وقال تعالى ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون وقال تعالى أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا وقال تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر ولأجل كون الصوم من الصبر وأنه نصف الصبر قال الله تعالى الصوم لي وأنا أجزى به فأضافه إلى نفسه من بين سائر العبادات ووعد الصابرين بأنه معهم فقال تعالى واصبروا إن الله مع الصابرين وعلق النصرة على الصبر فقال تعالى بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وجمع للصابرين بين أمور لم يجمعها لغيرهم فقال تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون فالهدى والرحمة والصلوات مجموعة للصابرين واستقصاء جميع الآيات في مقام الصبر يطول وأما الأخبار فقد قال صلى الله عليه وسلم الصبر نصف الإيمان حديث الصبر نصف الإيمان أخرجه أبو نعيم والخطيب من حديث ابن مسعود وتقدم في الصوم على ما سيأتي وجه كونه نصفا وقال صلى الله عليه وسلم من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطى حظه منهما لم يبال بما فاته من قيام الليل وصيام النهار ولأن تصبروا على ما أنتم عليه أحب إلى من أن يوافيني كل امرىء منكم بمثل عمل جميعكم ولكني أخاف أن تفتح عليكم الدنيا بعدى فينكر بعضكم بعضا وينكركم أهل السماء عند ذلك فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه ثم قرأ قوله تعالى ما عندكم ينفد وما عنده الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم الآية حديث من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر الحديث بطوله تقدم في العلم مختصرا ولم أجده هكذا بطول الآية وروى جابر أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن الايمان فقال الصبر والسماحة حديث جابر سئل عن الايمان فقال الصبر والسماحة أخرجه الطبراني في مكارم الآخلاق وابن حبان في الضعفاء وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعيف ورواه الطبراني في الكبير من رواية عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده وقال أيضا الصبر كنز من كنوز الجنة حديث الصبر كنز من كنوز الجنة غريب لم أجده وسئل مرة ما الإيمان فقال الصبر حديث سئل مرة عن الايمان فقال الصبر أخرجه أبو منصور الديملى في مسند الفردوس من رواية يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ويزيد ضعيف وهذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفه حديث الحج عرفه تقدم في الحج معناه معظم الحج عرفة وقال أيضا صلى صلى الله عليه وسلم أفضل الاعمال ما أكرهت عليه النفوس حديث أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس لا أصل له مرفوعا وإنما هو من قول عمر بن عبد العزيز هكذا رواه ابن أبي الدنيا في كتاب محاسبة النفس وقيل أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام تخلق بأخلاقي وأن من أخلاقي أني أنا الصبور وفي حديث عطاء عن ابن عباس لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار فقال أمؤمنون أنتم فسكتوا فقال عمر نعم يا رسول الله قال وما علامة إيمانكم قالوا نشكر على الرخاء ونصبر على البلاء ونرضى بالقضاء فقال صلى الله عليه وسلم مؤمنون ورب الكعبة حديث عطاء عن ابن عباس دخل على الأنصار فقال أمؤمنون أنتم فسكتوا فقال عمر نعم يا رسول الله الحديث أخرجه الطبرانى فى الأوسط من رواية يوسف بن ميمون وهو منكر الحديث عن عطاء وقال صلى الله عليه وسلم في الصبر على ما تكره خير كثير حديث في الصبر على ما تكره خير كثير أخرجه الترمذى من حديث ابن عباس وقد تقدم وقال المسيح عليه السلام إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الصبر رجلا لكان كريما والله يحب الصابرين حديث لو كان الصبر رجلا لكان كريما أخرجه
الطبراني من حديث عائشة وفيه صبيح بن دينار ضعفه العقيلى والاخبار في هذا لا تحصى وأما الآثار فقد وجد في رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري عليك بالصبر واعلم أن الصبر صبران أحدهما أفضل من الآخر الصبر في المصيبات حسن وأفضل منه الصبر عما حرم الله تعالى واعلم أن الصبر ملاك الإيمان وذلك بأن التقوى أفضل البر والتقوى بالصبر وقال على كرم الله وجهه بني الإيمان على أربع دعائم اليقين والصبر والجهاد والعدل وقال أيضا الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا جسد لمن لا رأس له ولا إيمان لمن لا صبر له وكان عمر رضي الله عنه يقول نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين يعني بالعدلين الصلاة والرحمة وبالعلاوة الهدى والعلاوة ما يحمل فوق العدلين على البعير وأشار به إلى قوله تعالى أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون وكان حبيب بن أبي حبيب إذا قرأ هذه الآية إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب بكى وقال واعجباه اعطى واثنى أي هو المعطي للصبر وهو المثنى وقال أبو الدرداء ذروة الايمان الصبر للحكم والرضا بالقدر هذا بيان فضيلة الصبر من حيث النقل وأما من حيث النظر بعين الاعتبار فلا تفهمه الا بعد فهم حقيقة الصبر ومعناه اذ معرفة الفضيلة والرتبة معرفة صفة فلا تحصل قبل معرفة الموصوف فلنذكر حقيقته ومعناه وبالله التوفيق.>>>>>>>>>>>>>>>>>
المراقبة علم العبد بإطلاع الرب سبحانه وتعالي عليه وإستدامته لهذا العلم مراقبة لربه ، وهذا أصل كل خير له لا يكاد يصل إلي هذه الرتبه الا بعد فراغه من المحاسبة ،فاذا حاسب نفسه علي ما سلف وأصلح حاله في الوقت ، ولازم طريق الحق أو أحسن بينه وبين الله تعالي مراعاة القلب ،وحفظ مع الله تعالي الأنفاس ،وراقب الله تعالي في عموم أحواله فيعلم أنه سبحانه عليه رقيب ،ومن قلبه قريب يعلم أحواله ويري أفعاله ويسمع أقواله ،ومن تغافل عن هذه الجملة فهو بمعزل عن بداية الوصلة فكيف عن حقائق القربة.
ومن لم يحكم بينه وبين الله تعالي التقوي والمراقبة لم يصل الي الكشف والمشاهدة .وسئل ابن عطاء :ما أفضل الطاعات؟ فقال :مراقبة الحق علي دوام الأوقات.وقال ابراهيم الخواص :المراعاة تورث المراقبة،والمراقبة تورث خلوص السر والعلانية لله تعالي.
وقال أبوحفص:اذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فانهم يراقبون ظاهرك والله يراقب باطنك .
وقال ابوسعيد الخراز:قال لي بعض مشايخي عليك بمراعاة سرك والمراقبة ،قال:فبينما أنا يوما أسير في البادية اذا انا بخشخشة خلفي فهالني ذلك وأردت انا ألتفت فلم ألتفت،فرأيت شيئا واقفا علي كتفي فانصرف وانا مراع لسري ،ثم إلتفت فاذا أنا بسبع عظيم .
تعليقات
إرسال تعليق