ذم الدنيا الحصول على الرابط Facebook X Pinterest بريد إلكتروني التطبيقات الأخرى كتاب ذم الدنياوهو الكتاب السادس من ربعالمهلكات من كتاب إحياء علوم الدينبسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله الذي عرف أولياءهغوائل الدنيا وآفاتها وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها حتى نظروا في شواهدها وآياتهاووزنوا بحسناتها سيئاتها فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها ولا يفي مرجوهابمخوفها ولا يسلم طلوعها من كسوفها ولكنها في صورة امرأة مليحة تستميل الناسبجمالها ولها أسرار سوء قبائح تهلك الراغبين في وصالها ثم هي فرارة عن طلابهاشحيحة بإقبالها وإذا أقبلت لم يؤمن شرها ووبالها إن أحسنت ساعة أساءت سنة وإنأساءت مرة جعلتها سنة فدوائر إقبالها على التقارب دائرة وتجارة بنيها خاسرة بائرةوآفاتها على التوالي لصدور طلابها راشقة ومجاري أحوالها بذل طالبيها ناطقة فكلمغرور بها إلى الذل مصيره وكل متكبر بها إلى التحسر مسيره شأنها الهرب من طالبهاوالطلب لهاربها ومن خدمها فاتته ومن أعرض عنها واتته لا يخلو صفوها عن شوائبالكدورات ولا ينفك سرورها عن المنغصات سلامتها تعقب السقم وشبابها يسوق إلى الهرمونعيمها لا يثمر إلا الحسرة والندم فهي خداعة مكارة طيارة فرارة لا تزال تتزينلطلابها حتى إذا صاروا من أحبابها كشرت لهم عن أنيابها وشوشت عليهم مناظم أسبابهاوكشفت لهم عن مكنون عجائبها فأذاقتهم قواتل سمامها ورشقتهم بصوائب سهامها بينماأصحابها منها في سرور وإنعام إذ ولت عنها كأنها أضغاث أحلام ثم عكرت عليهمبدواهيها فطحنتهم طحن الحصيد ووارتهم في أكفانهم تحت الصعيد إن ملكت واحدا منهمجميع ما طلعت عليه الشمس جعلته حصيدا كأن لم يغن بالأمس تمنى أصحابها سرورا وتعدهمغرورا حتى يأملون كثيرا ويبنون قصورا فتصبح قصورهم قبورا وجمعهم بورا وسعيهم هباءمنثورا ودعاؤهم ثبورا هذه صفتها وكأن أمر الله قدرا مقدورا والصلاة والسلام علىمحمد عبده ورسوله المرسل إلى العالمين بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا وعلى من كان منأهله وأصحابه له في الدين ظهيرا وعلى الظالمين نصيرا وسلم تسليما كثيرا.أما بعد فإن الدنيا عدوة للهوعدوة لأولياء الله وعدوة لأعداء الله أما عداوتها لله فإنها قطعت الطريق على عبادالله ولذلك لم ينظر الله إليها منذ خلقها وأما عداوتها لأولياء الله عز وجل فإنهتزينت لهم بزينتها وعمتهم بزهرتها ونضارتها حتى تجرعوا مرارة الصبر في مقاطعتهاوأما عداوتها لأعداء الله فإنها استدرجتهم بمكرها وكيدها فاقتنصتهم بشبكتها حتىوثقوا بها وعولوا عليها فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تتقطعدونها الأكباد ثم حرمتهم السعادة أبد الآباد فهم على فراقها يتحسرون ومن مكايدهايستغيثون ولا يغاثون بل يقال لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون أولئك الذي اشتروا الحياةالدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون وإذا عظمت غوائل الدنيا وشرورهافلا بد أولا من معرفة حقيقة الدنيا وما هي وما الحكمة في خلقها مع عداوتها ومامدخل غرورها وشرورها فإن من لا يعرف الشر لا يتقيه ويوشك أن يقع فيه ونحن نذكر ذمالدنيا وأمثلتها وحقيقتها وتفصيل معانيها وأصناف الأشغال المتعلقة بها ووجه الحاجةإلى أصولها وسبب انصراف الخلق عن الله بسبب التشاغل بفضولها إن شاء الله تعالى وهوالمعين على ما يرتضيه. تعليقات
تعليقات
إرسال تعليق