فصل فى خصال النبى


فصل
في اجتماع الخصال المحمودة فيه صلى الله عليه و سلم
إذا كانت خصال الكمال و الجمال ما ذكرناه ، و وجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو باثنتين إن اتفقت له ـ في كل عصر ، إما من نسب أو جمال ، أو قوة ، أو علم ، أو حلم ، أو شجاعة ، أو سماحة ، حتى يعظم قدره ، و يضرب باسمه الأمثال ، و يتقرر له بالوصف بذلك قي القلوب إثرة و عظمة ، و هو منذ عصور خوال رمم بوال ، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد ، و لا يعبر عنه مقال ، و لا ينال بكسب و لا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال ، من فضيلة النبوة و الرسالة ، و الخلة و المحبة ، و الإصطفاء و الإسراء و الرؤية ، و القرب و الدنو ، و الوحي ، و الشفاعة و الوسيلة ، و الفضيلة و الدرجة الرفيعة ، و المقام المحمود ، و البراق و المعراج ، و البعث إلى الأحمر و الأسود ، و الصلاة بالأنبياء ، و الشهادة بين الأنبياء و الأمم ، و سيادة ولد آدم [ 21 ] ، و لواء الحمد ، و البشارة ، و النذارة و المكانة عند ذي العرش و الطاعة ثم ، و الأمانة و الهداية و رحمة للعالمين ، و إعطاء الرضا و السول ، و الكوثر ، و سماع القول ، و اتمام النعمة و العفو عما تقدم و تأخر ، و شرح الصدر ، و وضع الوزر ، و رفع الذكر و عزة النصر ، و نزول السكينة ، و التأييد بالملائكة ، و إيتاء الكتاب و الحكمة و السبع المثاني و القرآن العظيم ، و تزكية الأمة و الدعاء إلى الله ، و صلاة الله تعالى و الملائكة ، و الحكم بين الناس بما أراه الله ، و وضع الإصر و الأغلال عنهم ، و القسم باسمه ، و إجابة دعوته ، و تكليم الجمادات و العجم ، و إحياء الموتى ، و إسماع الصم ، و نبع الماء من بين أصابعه ، و تكثير القلي ل ، و انشفاق القمر ، و رد الشمس ، و قلب الأعيان ، و النصر بالرعب ، و الإطلاع على الغيب ، و ظل الغمام ، و تسبيح الحصا ، و إبراء الآلام ، و العصمة من الناس ، إلى ما لا يحويه محتفل ، و لا يحيط بعلمه إلا مانحه ذلك و مفضله به ، لا إله غيره ، إلى ما أعد له في الدار الآخرة من منازل الكرامة ، و درجات القدس ، و مراتب السعادة و الحسنى و الزيادة التي تقف دونها العقول و يحار دون أدانيها الوهم .


فصل
في تفصيل هذه الخصال المحمودة : صفاته الجسمية
إن قلت أكرمك الله : لا خفاء على القطع بالجملة أنه صلى الله عليه و سلم أعلى الناس قدراً ، و أعظمهم محلاً ، و أكملهم محاسن و فضلاً ، و قد ذهب في تفاصيل خصال الكمال مذهباً جميلاً شوقني إلى أن أقف عليها من أوصافه صلى الله عليه و سلم تفصيلا . . . فاعلم نور الله قلبي و قلبك ، و ضاعف في هذا النبي الكريم حبي و حبك ـ أنك إذا نظرت إلى خصال الكمال التي هي غير مكتسبة في جبلة الخلقة و جدته حائزاً لجميعها ، محيطاً بشتات محاسنها دون خلاف بين نقله الأخبار لذلك ، بل قد بلغ بعضها مبلغ القطع . أما الصورة و جمالها ، و تناسب أعضائه في حسنها ، فقد جاءت الآثار الصحيحة و المشهورة الكثيرة بذلك ، من حديث علي ، و أنس بن مالك ، و أبي هريرة ، و البراء بن عذب ، و عائشة أم المؤمنين ،و ابن أبي هالة ،و أبي جحيفة ، وجابر بن سمرة ، و أم معبد ، و ابن عباس ، و معرض بن معيقيب ، و أبي الطفيل ، و العداء بن خالد ، و خريم بن فاتك ، و حكيم بن حزام ، و غيرهم ، من أنه صلى الله عليه و سلم كان أزهر اللون ، أدعج ، أنجل ، أشكل ، أهدب الأشفار ، أبلج ، أزج ، أقنى ، أفلج ، مدور ال وجه ، واسع الجبي ، كث اللحية تملأ صدره ، سواء البطن و الصدر ، واسع الصدر ، عظيم المنكبين ، ضخم العظام ، عبل العضضين و الذراعين و الأسافل ، رحب الكفين و القدمين ، سائل الأطراف ، أنور المتجرد ، دقيق المسربة ، ربعة القد ، ليس بالطويل البائن ، و لا بالقصير المتردد ، مع ذلك فلم يكن يماشيه أحد ينسب الى الطول إلا طاله صلى الله عليه و سلم رجل الشعر ، إذا افتر ضاحكاً افتر عن مثل سنا البرق ، و عن مثل حب الغمام ، إذا تكلم رئى كالنور يخرج من ثناياه ، أحسن الناس عنقاً ، ليس بمعطهم و لا مكلثم ، متماسك البدن ، ضرب اللحم . قال البراء بن عاذب : مارأيت من ذي لمه في حلة حمراء أحسن من رسول صلى الله عليه و سلم [0 1 ] .
و قال أبو هريرة رضي الله عنه : [ مارأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه و سلم [22] ، كأن الشمس تجري في وجهه ، و إذا ضحك يتلألأ في الجدر ] .
و قال جابر بن سمرة ـ و قال له رجل : كان و جهه صلى الله عليه و سلم مثل السيف ؟ فقال : [ لا ، بل مثل الشمس و القمر . و كان مستديراً] .
و قالت أم معبد ـ في بعض ما وصفته به ـ : [ أجمل الناس من بعيد ، و أحلاه و أحسنه من قريب ] [ صلى الله عليه و سلم تسليمًا كلما ذكره الذاكرون ، و غفل عن ذكره الغافلون ] . و في حديث ابن أبي هالة : [ يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر ] .       و قال علي رضي الله عنه في آخر و صفة له : [ من رآه بديهة هابه ، و من خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله و لا بعده مثله صلى الله عليه و سلم ] .       و الأحاديث في بسط صفته مشهورة كثيرة ، فلا نطول بسردها .       و قد اختصرنا في و صفه نكت ما جاء فيها ، و جملة مما فيه الكفاية في القصد إلى المطلوب ، و ختمنا هذه الفصول بحديث جامع لذلك تقف عليه هناك إن شاء الله .
 

تعليقات