اوصاف الحبيب المصطفى


فصل
حديث جامع لوصفه
قد أتيناك ـ أكرمك الله ـ من ذكر الأخلاق الحميدة ، و الفضائل المجيدة ، و خصال الكمال العديدة ، و أريناك صحتها له صلى الله عليه و سلم ، و جلينا من الآثار ما فيه مقنع ، و الأمر أوسع ، فمجال هذا الباب في حقه صلى الله عليه و سلم ممتد ، تنقطع دون نفاده الأدلاء ، و بحر علم خصائصه زاخر لا تكدره الدلاء ، لكنا أتينا فيه بالمعروف مما أكثر في الصحيح و المشهور من المصنفات ، و اقتصرنا في ذلك بقل من كل ، و غيض من فيض ، و رأينا أن نختم هذه الفصول بذكر حديث الحسن ، عن أبي هالة ، لجمعه من شمائله و أوصافه كثيراً ، و إدماجه جملة كافيةً من سيره و فضائله ، و نصله بتنبيه لطيف على غريبه و مشكله .
حدثنا القاضي أبو الحسن بن محمد الحافظ ـ رحمه الله ـ بقراءتي عليه سنة ثمان و خمسمائة [ 49 ] ، قال : حدثنا الإمام أبو القاسم عبد الله بن طاهر التميمي قراءةً عليه ، أخبركم الفقيه الأديب أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسن النيسابوري ، و الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المحمدي ، و القاضي أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الوحشي ، قالوا : حدثنا أبو ا لقاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي ، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ، أنبأنا أبو عيسى بن سورة الحافظ ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي إملاءً من كتابه ، قال : حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ، يكنى أبا عبد الله ، عن ابن لأبي هالة ، عن الحسن بن علي أبي طالب رحمه الله ، قال : سألت خالي هند بن أبي هالة .
قال القاضي أبو علي رحمه الله : و قرأت على الشيخ أبي طاهر أحمد بن الحسن ابن أحمد بن خذاداذ الكرجي الباقلاني ، قال : و أجاز لنا الشيخ الأجل أبو الفضل أحمد ابن الحسين بن خيرون ، قالا : حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن ابن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران الفارسي قراءةً عليه فأقر به ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي ابن [ الحسين بن علي ] بن أبي طالب المعروف بابن أخي طاهر العلوي قال : حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قا ل : حدثني علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن علي بن الحسين ، قال : قال الحسن بن علي ـ و اللفظ لهذا السند : سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ و كان وصافاً ـ و أنا أرجو أن يصفع لي منها شيئاً أتعلق به ، قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم فخماً مفخماً ، يتلألأ وجهه تلإلأ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع ، و أقصر من المشذب ، عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إن انفرقت عقيقته فرق ، و إلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه ، إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين، أزج الحواجب ، سوابغ ، من غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه ، و يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، أدعج ، سهل الخدين ، ضليع الفم أشنب ، مفلج الأسنان ، دقيق المسربة ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، معتدل الخق ، بادناً ، متماسكاً ، سواء البطن و الصدر ، مشيح الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة و السرة بشعر يجري كالحظ ، عاري الثديين ، م ا سوى ذلك ، أشعر الذراعين و المنكبين و أعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، شئن الكفين و القدمين ، سائل الأطراف ـ [ أو قال : سائن الأطراف ] ، سبط العصب ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ، ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال تقلعا ، و يخطو تكفأً ، و يمشي هوناً ، ذريع المشية ، إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، و إذا التفت التفت جميعاً ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، [ 50 ] و يبدأ من لقيه بالسلام .
قلت : صف لي منطقه .
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، و لا يتكلم في غير حاجة ، طويل السكوت ، يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه ، و يتكلم بجوامع الكلم فصلاً ، لا فضول فيه و لا تقصير ، دمثاً ليس بالجافي و لا المهين ، يعظم النعمة و إن دقت ، لا يذم شيئاً ، لم يكن يذم ذواقاً ، و لا يمدحه ، و لا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له ، و لا يغضب لنفسه و لا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، و إذا تعجب قلبها و إذا تحدث اتصل بها ، فضرب بإبهامه اليمنى راحته اليسرى ، و إذا غضب أعرض و أشاح ، و إذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، و يفتر عن مثل حب الغمام .
قال الحسن : فكتمتها الحسين : فكتمتها الحسين بن علي زماناً ،ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه ، فسأل أباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم و مخرجه و مجلسه و شكله ، فلم يدع منه شيئاً .
قال الحسين : سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال :
كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك ، فكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزءاً لأهله ، و جزؤاً لنفسه ، جزأ جزأه بينه و بين الناس ، فيرد ذلك على العامة بالخاصة ، و لا يدخر عنهم شيئاً ، فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه و قسمته على قدر فضلهم في الدين ، منهم ذو الحاجة ، و منهم ذو الحاجتين ، و منهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ، و يشغلهم فيما أصلحهم ، و الأمة من مسألته عنهم و إخبارهم بالذي ينبغي لهم ، و يقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، و أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته ، فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة . لا يذكر عنده إلا ذلك ، و لا يقبل من أحد غيره .
و قال في حديث سفيان بن وكيع : يدخلن رواداً ، و لا يتفرقون إلا عن ذواق ، و يخرجون أدلة ـ يعني فقهاء .
قلت : فأخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم و يؤلفهم و لا يفرقهم ، يكرم كريم كل قوم ، و يوليه عليهم ، و يحذر الناس ، و يحترس منهم ، من غير أن يطوي عن أحد بشره و خلقه ، و يتفقد أصحابه ، و يسأل الناس ، و يحسن الحسن و يصوبه ، و يقبح القبيح و يوهنه ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا ، لكل حال عنده عتاد ، لا يقتصر عن الحق ، و لا يجاوزه إلى غيره ، الذي يلونه من الناس خيارهم ، و أفضلهم عند أعمهم نصيحة ، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة .
فسألته عن مجلسه : عما كان يصنع فيه .
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر ، و لا يوطن الأماكن ، و ينهى عن إيطانها ، و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ، و يأمر بذلك ، و يعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب ، جليسه أن أحداً أكرم عليه فيه ، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى [ 51 ] يكون هو المنصرف عنه .
من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول . قد وسع ا لناس ، بسطه و خلقه ، فصار لهم أباً ، و صاروا عنده في الحق سواء ، متقاربين متفاضلين فيه التقوى .
و في الرواية الآخرى : صاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم و حياء ، و صبر و أمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ، و لا تؤبن فيه الحرم ، و لا تثنى فلتاته ، و هذه الكلمة ، من غير الروايتين .
يتعاطون فيه بالتقوى متواصفين ، يوقرون فيه الكبير ، و يرحمون الصغير ، و يرفدون ذا الحاجة ، و يرحمون الغريب .
فسألته عن سيرته صلى الله عليه و سلم في جلسائه .
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ و لا غليظ ، و لا سخاب ، و لا فحاش ، و لا عياب و لا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي و لا يوئس منه ، قد ترك نفسه من ثلاث : الرياء ، و الإكثار ، و ما لا يعنيه ، و ترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحداً ، و لا يعيره ، و لا يطلب عورته ، و لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤسهم الطير ، إذا سكت تكلموا ، لا يتنازعون عنده الحديث . من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ، و يتعجب مما يتعجبون منه ، و يصبر للغريب على ال جفوة في المنطق ، و يقول : إذا رأيتم صاحب الحجة يطلبها فأرفدوه ، و لا يطلب الثناء إلا من مكافىء ، و لا يقطع على أحد حديثه حتى يتجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام .
هنا انتهى حديث سفيان بن وكيع .
و زاد الآخر : كيف كان سكوته صلى الله عليه و سلم ؟
قال : كان سكوته على أربع : الحلم ، و الحذر ، و التقدير ، و التفكير . فأما تقديره ففي تسوية النظر و الإستماع بين الناس ، و أما تفكره ففيما يبقى و يفنى .
و جمع له الحلم صلى الله عليه و سلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شيء يستفزه ، و جمع له في الحذر أربع : أخذه بالحسن ليقتدى به ، و تركه القبيح لينتهى عنه ، و اجتهاد الرأي بما أصلح أمته ، و القيام لهم بما جمع أمر الدنيا و الآخرة .
انتهى الوصف بحمد الله و عونه .
فصل
في تفسير غريب هذا الحديث و مشكله
قوله : المشذب ، أي البائن الطول في نحافة ، و هو مثل قوله في الحديث الأخر : ليس بالطويل الممغنط .
و الشعر الرجل : الذي كأنه مشط فتكسر قليلاً ، ليس ببسط و لا جعد .
و العقيقة : شعر الرأس ، أراد إن انفرقت من ذات نفسها فرقها ، و إلا تركها معقوصة . و يروى : عقيصته .
و أزهر اللون : نيره . و قيل : أزهر : حسن . و منه زهرة الحياة الدنيا ، أي زينتها .
و هذا كما قال في الحديث الآخر : ليس بالأبيض الأمهق ، و لا بالآدم .
و الأمهق : هو الناصع البياض . و الآدم : الأسمر اللون .
و مثله في الحديث الآخر : أبيض مشرب ، أي فيه حمرة .
و الحاجب الأزج : المقوس الطويل الوافر الشعر .
و الأقنى : السائل الأنف ، المرتفع وسطه .
و الأشم : الطويل قصبة الأنف .
و القرن : اتصال شعر الحاجبين . و ضده البلج .
و وقع في حديث أم معبد وصفه بالقرن .
و الأدعج : الشديد سواد الحدقة .
و في الحديث الآخر : [ 52 ] أشكل العين ، و أسجر العين ، و هو الذي في بياضها حمرة .
و الضليع : الواسع .
و الشنب : رونق الأسنان ، و ماؤها .
و قيل : رقتها و تحزيز فيها ، كما يوجد في أسنان الشباب .
و الفلج : فرق بين الثنايا .
و دقيق المسربة : خيط الشعر الذي بين الصدر و السرة .
بادن : ذو لحم متماسك ، معتدل الخلق ، يمسك بعضه بعضاً ، مثل قوله تعالى في الحديث الأخر : لم يكن بالمطهم ، و لا بالمكلثم ، أي ليس بمسترخي اللحم .
و المكلثم : القصير الذقن .
و سواء البطن و الصدر ، أي مستويهما .
و مشيح الصدر ، إن أصبحت هذه اللفظة فتكون من الإقبال ، و هو أحد معاني [ أشاح ] ، أي أنه كان بادي الصدر ، و لم يكن في صدره قعس ، و هو تطامن فيه ، و به يتضح قوله قبل : سواء البطن و الصدر ، أي ليس بمتقاعس الصدر ، و لا مفاض البطن .
و لعل اللفظة : مسيح ـ بالسين ، و فتح الميم ، بمعنى عريض ، كما وقع في الرواية الأخرى . و حكاه ابن دريد .
و الكراديس : رؤوس العظام ، و هو مثل قوله في الحديث الأخر : جليل المشاش و الكتد .
و المشاش : رؤوس المناكب . و الكتد : مجتمع الكتفين .
و شثن الكفين و القدمين : لحيمهما .
و الزندان : عظما الذراعين .
و سائل الأطراف : أي طويل الأصابع .
و ذكر ابن الأنباري أنه روي سائل الأطراف ، و قال : سائن ـ بالنون ، قال : و هما بمعنى ، تبدل اللام من النون ، إن صحت الرواية بها .
و أما في الرواية الأخرى : و سائر الأطراف ـ فإشارة إلى فخامة جوارحه ، كما وقعت مفصلة في الحديث .
و رحب الراحة ، أي واسعها . و قيل : كنى به عن سعة العطاء و الجود . و خصمان الأخمصين : أي متجافي أخمص القدم ، و هو الموضع الذي لا تناله الأرض من وسط القدم .
مسيح ا لقدمين : أي أمسهما ، و لهذا ، قال : ينبو عنهما الماء .
و في حديث أبي هريرة خلاف هذا ، قال فيه : إذا وطىء بقدمه وطىء بكلها ، ليس له أخمص .
و هذا يوافق معنى قوله : مسيح القدمين ، و به قالوا : سمي المسيح [عيسى ] ابن مريم أي إنه لم يكن له أخمص .
و قيل مسيح : لا لحم عليهما .
وهذا أيضاً يخالف قوله : شئن القدمين .
و التقلع : هو رفع الرجل بقوة .
و التكفؤ : الميل الى سنن المشي ، و قصده .
والهون :الرفق و الوقار .
و الذريع : الواسع الخطو ، أي إن مشية كان يرفع فيه رجليه بسرعة ، و يمد خطوه ، خلاف مشية المختال ، و يقصد سمته ، و كل ذلك برفق و تثبت دون عجلة ، كما قال : كأنما ينحط من صبب .
و قوله : يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه : أي لسعه فمه . و العرب تتمادح بهذا و تذم بصغر الفم .
و أشاح : مال و أنقبض .
و حب الغمام : ال برد .
و قوله : فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، أي جعل من جزءنفسه ما يوصل الخاصة إليه فتوصل عنه للعامة .
و قيل : يجعل منه للخاصة ، ثم يبدلها في جزء آخر بالعامة .
و يدخلون رواداً ، أي محتاجين إليه و طالبين لما عنده .
و لا يتفرقون إلا عن ذواق : قيل : عن علم يتعلمونه ، و يشبه أن يكون على ظاهره أي في الغالب و الأكثر .
و العتاد : العدة ، و الشيء الحاضر المعد .
و الموازنة : المعاونة .
و قوله : لا يوطن الأماكن ، أي لا يتخذ لمصلاه موضعاً معلوماً .
و قد [53] ورد نهيه عن هذا مفسراً في غير هذا الحديث .
و صابره : أي حبس نفسه على مايريد صاحبه .
و لا تؤبن فيه الحرم : أي لا يذكرن فيه بسوء .
و لا تثني فلتاته : أي لا يتحدث بها ، أي ام تكن فيه فلتة ،و إن كانت من أحد سترت .
و يرفدون : يعينون .
و السخاب : الكثير الصياح .
و قوله : و لا يقبل الثناء إلا من مكافىء . قيل مقتصد في ثنائه و مدحه .
و قيل : إلا من مسلم .
و قيل : إلا مكافىء . على يد سبقت من النبي صلى الله عليه و سلم له .
و يستفزه : يستخفه .
و في حديث أخر في وصفه : منهوس العقب ، أي قليل لحمها .
و أهدب الأشفار :أي طويل شعرها .


تعليقات